中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > المواضيع الخاصة > الصين في عيون العرب
في المسجدِ.. صلاةٌ ولغة الصلاة
2010-12-25 17:52
 

زيارة المسجد الجامع (شي قوان) في مدينة ينتشوان في منطقة نينغيشيا ذاتية الحكم لقومية (هوي) المسلمة، والحديث مع الشيخ الجليل (عبد الحكيم)، يُبهج النفس، ويولّد بلا شك سروراً بلون خاص.

الصقيع هنا يَخرق العِظام، و»يِلكُمُ» الوجه بقوةٍ، ويبدو أن «الشماغ» الاردني الأصيل، الذي لا يفارقني، هو الحل الأنسب في محاولاتي الحثيثة لإكتناز أمثل للحرارة أثناء التجوال في أجواء باردة كهذه. إلا أن المواطنين من قومية (هوي) المسلمة، اعتادوا على هذه البرودة المشحونة بالصقيع وكأنها صيفهم!، وهم يفتقدونها حال انعدامها. فللشتاء والثلوج عيد هنا، و»لمواسم الصقيع» مذاقٌ مُحبّبٌ وتقاليدُ خاصةٌ، والحياة تستمر تجري طبيعية. وها هم الباعة والتجار.. المحال و«البسطات» المجاورة للمسجد لا تنفك تعج بالمعروضات الشائقة، المواد الغذائية والذبائح الحلال من أغنام وخِراف، في مشهد كما لو أنه اردني بتفاصيله، وعربي بنكهته القومية.

الشيخ الجليل (عبدالحكيم) حدّثني طويلاً في المسجد عن شؤون وشجون المسلمين الصينيين، وعن نشاطاته والى جانبه إخوانه هنا، لتطوير الحِراك الإسلامي واللغة العربية بجهودهم الذاتية، وبين حين وآخر بمساهمات مادية من لدن الحكومة الصينية نفسها، التي تبدي حماية لهذه المواقع كما كشف محدثي، الى ذلك تعمل الحكومة على صيانة المواقع الأثرية الإسلامية، ضمن محافظتها على التراث الديني المحلي، في مسعى منها للإبقاء عليه ثروة قومية وإنسانية متميزة، وقيمة إسلامية مُتوارثة من جيل الى أجيالٍ. كما قدّمت الحكومة مساهمات لإرسال ألفي حاج مسلم الى المشاعر المقدسة في السعودية، من خلال تدشين خط طيران صيني خاص بالحج في رحلات مُبَاشرة من ينتشوان الى المدينة المنورة، بعد أن كان السفر سابقاً عن طريق بكين مُكلفاً وطويلاً، ويرافق مجموعات الحجيج هذه طبّاخ خاص وطبيب للعناية بهم!.

أُقيم المسجد البديع المُحلّى بالرسومات الزاهية الألوان والأزهار الصينية قبل 280سنة، ويضم المجمع قاعة خاصة بالنساء مجهزة بالتقنيات العصرية وأجهزة التدفئة التي تبرعت بها الحكومة، وهو يستوعب حتى 3000مُصلٍ دفعة واحدة، وفي الأيام العادية يداوم على الصلاة200شخص، ويوم الجمعة يصل عديدهم الى 800مسلم، ويدرس في مدرسة المسجد100طالب، ينتظمون في صفوف تعليم اللغتين العربية والإنجليزية لأهداف دينية ولإرساء علاقات تجارية مع البلدان العربية، كما يتعلمون هنا التعامل مع التقنيات المختلفة. وبما يخص الجمعية الإسلامية لمنطقة نينغيشيا، فهي تقيم دون توقف دورات تدريبية للإستمساك بالتقاليد الإسلامية بغية تشكيل مجتمع منسجم.

جمال المساجد الآخاذ هنا يكشف عن بواطن الجمال لدى ناس قومية (هوي)، وأحاسيسهم المرهفة، ورقي مشاعرهم وسمو أخلاقهم. فهم مَن يبدعون هذا الجَمال بأيديهم. وقد تعرّفت على الفنان الذي يعمل على هذه الرسومات وهو شيخ جليل أيضاً، وحائز على جوائز حكومية ويُشارك في مجموعات الحج الى الأماكن المقدسة، ويفخر بعمله الدقيق لذي يجلب السعادة لقومه وللزوار والسياح، وهو ما دفعني لأن أُنبههم بأن هذا المسجد، وأشقاءه المساجد الأخرى، مؤهّلة لتنشيط سياحة دينية الى هذه المنطقة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.

استعرض الشيخ الجليل بزهو عدد المساجد: في ينتشوان200مسجد، أما في الضواحي فوصل الرقم الى500. أحيانا «نستدعي» طلبة من خارج البلاد ليدرسوا هنا، ولنتعاون وإياهم مع الأزهر الشريف والمعاهد الباكستانية، ولدينا رغبة في الإطلاع على المعاهد والجامعات الاردنية لإرساء تعاون مثمر.

وأكمل (عبدالحكيم) بوقار.. لماذا لا نتعاون نحن والاردن؟ دعونا نعرّف شعبينا على بعضهما بعضاً، فقد نفتح سُبلاً كُبرى للتبادل.. أرجو أن تبلغ الأمر للمسؤولين والقراء الاردنيين!

marwansudah@hotmail.com

مروان سوداح

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة