中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > المواضيع الخاصة > الصين في عيون العرب
في ازدهارِ المصالحِ.. ثباتٌ في المواقفِ
2010-11-06 15:45
 

ذات مرة قال المبعوث الصيني للسلام في الشرق الأوسط بصراحةٍ ومُباشَرةٍ، مُلخّصَاً موقف بلاده السياسي تجاه منطقتنا المُعذّبة: «أن حالة تدهور يَعيشها الشعب الفلسطيني، الذي يَتعرض الى ممارسات عدوانية من جانب قوات الإحتلال الإسرائيلي، من قتلِ الأبرياء وهدمٍ للمنازلِ»، وأَصر المبعوث على صحة سياسة بلاده بمواصلة بذل جهودها لدفع السلام في المنطقة، وبأنها «لن تتخلى عن مواقفها».

الى ذلك، تأكدت جدية الموقف الصيني هذا، أثناء مشاركة الوفود الرسمية العربية، مؤخراً، في (منتدى التعاون العربي- الصيني الرابع)، على المستوى الوزاري، الذي نادى بدعم جهود السلام في المنطقة وإخلاء دولها من أسلحة الدمار الشامل، وهو ما يتجاوب تماماً مع المواقف العربية ويلتقي معها إستراتيجياً. لذا، فعلى تربة التقارب الحاصل بين العرب والصينيين، شهدت العلاقات بين الطرفين إزدهاراً حقيقياً، ضاعف سريعاً من حجم التجارة التي بلغت بين بكين والعواصم العربية 107مليارات دولار، بينما كانت بلغت في عام2004- 36ملياراً. وفي مجال الإستثمار، فقد وصلت توظيفاته الصينية على الأرض العربية الى أكثر من ملياري دولار، والعربية في الصين الى أكثر من مليار، ومرد ذلك الى الثقة العميقة بين الطرفين، سياسياً وإقتصادياً، ولإطمئنان الجانب العربي، بأن الصين لن تفكر في المستقبل، القريب أو البعيد، بالإستحواذ على الأموال العربية، أو حتى بمجرد التلويح بالتهديد بها، كما تلوّح بها، عادة، دول أُخرى.

تنسجم الدعوات الصينية مع الدعوات السلمية العربية، وتشكل، بلا شك، سنداً لها، وما أحوجنا اليوم بالذات الى تكتيل المساندات الدولية تعظيماً لجهود السلام وإستراتيجية السلام العربية، بوجه النهم الصهيوني. فالمصالح مع عدد من الدول الصديقة ومنها الصين تنطلق من قواسم مشتركة، ذلك أن الطرفين يواجهان ضغوطات متشابهة، ويتعرضان الى هجمات تحمل في ذاتها كما يبدو ملامح وأهداف متقاربة. ولدى استعراض المواقف الصينية، يُلاحظ إختلافها عن مواقف أخرى ترتبط بالمنطقة بمصالح جمة، إلا أنها لا تتفهم حقوق العرب الطبيعية وأمانيهم. مواقف الصين لم تتغير، برغم مرور الوقت والتغيّرات والتبدّلات التي تطرأ على سطح الأحداث. فبكين ماتزال تعارض بناء المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة، وتعمل على رفع الحصار عن قطاع غزة، والإنسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة «في أسرع وقت»، وبما «يهيىء ظروفاً مواتية لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط الى الأمام»، تمهيداً لإيجاد حل للصراع على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، و»مبدأ الأرض مقابل السلام»، و»مبادرة السلام العربية» بالذات، وصولاً الى إقامة «دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة الكاملة»، و»على ان يتحقق ذلك قريبا».

وخلافاً لمواقف أخرى، نرى أن الصين لا تنفك تدعو الى تنفيذ «سريع» بالذات لتسوية في المنطقة، والى جدية في التعامل مع ملفاتها العالقة، ففي استقرار «الشرق الأوسط» وتقدّمه مصلحة صينية عميقة، لذا كان المبعوث الصيني (وو سيكه) الذي زار الاردن والتقى وزير الخارجية ناصر جودة صريحاً عندما دعا إسرائيل الى «ردود إيجابية» على الموقف الفلسطيني والعربي من الإستيطان الذي يُعرقل السلام، ويُضفي تسمماً على أجواء المنطقة. من هنا تعمل تل أبيب على إيهام الصين بأن مصالحها الإقتصادية في المنطقة العربية في خطر، وفي الوقت نفسه، تحرص إسرائيل على عدم إتاحة الفرصة لبكين للعب دور سياسي ودبلوماسي في الصراع العربي-الإسرائيلي، خشية أن يحقق العرب بعض المكاسب من خلال الدور الصيني، المناصر تقليدياً وبشكل عام للقضايا العربية.

marwansudah@hotmail.com

 

 

مروان سوداح

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة