中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > المواضيع الخاصة > الصين في عيون العرب
حوار.. ومتحاورون بالعربية!
2010-10-25 15:09
 

لماذا نتحدث في الاردن كثيراً عن أهمية الحوار مع دول العالم وشعوبه، ضمن استراتيجيتنا السلمية، التي اختطها القيادة الهاشمية منجهاً ثابتاً لا تحيد عنه، ولا تميل الى غيره، ومعها ومن حولها شعبنا برمته؟

كان الاردن دائماً الى جانب العلائق المتقدمة والمُتحضّرة مع العالم، لكن مع تلك العلائق بالذات التي تتضمخ بعبق الندية والفائدة والمصالح المتبادلة والأخوّة بين الأُمم، ضمن روابط ذات طبائع مؤنسنة، وسياسات تنطلق أولاً من عمق أخلاقي، تشربته الأرض الاردنية، وماتزال، من رسائل السماء، التي وُلِدت ونمت أوتادها الصلبة في أرضها المقدسة.

هذه الروحية بالذات هي ما عكسه الوفد الاردني الزائر الى الصين، وهو كذلك ما تحدثت عنه الصحافة الصينية، وبالذات أثناء مشاركته الملفتة في الحوار العربي الصيني، الذي شهدته منطقة نينغشيا التي أبناؤها – بالمناسبة – من أصول عربية، فقد كان قدِم أجدادهم إلى الصين للتجارة، أو بهدف الدعوة الإسلامية، عِبر طريق الحرير قبل مئات السنين، فاستقروا هناك. لذا رَسَخَت في نينغشيا تقاليد سائدة للثقافتين الصينية والإسلامية، اللتين وجدتا إنسجاماً عن طريق الحوار والتعايش السلمي، فكان لتلك المنطقة، بالتالي، دور خاص في الحوار الثقافي الودي بينها وبين الدول العربية، ستتمكن به من خلق نموذج لعالم صيني يغتني بها ومعها روحياً وثقافياً، ويكون نموذجاً للتعايش السلمي بين الطرفين. وانطلاقا من الثقافة الاسلامية، من هناك، سيتم تعزيز وشائج العلاقات العربية الصينية، بأيدي مسلمي هذه المنطقة وباللغة العربية الشهيرة فيها، وبأيدي زوارها العرب أيضاً، ممن بدأ بعضهم بالبحث في نينغشيا عن شجرة عائلته!.

كانت السّمة البارزة لمنتدى التعاون الصيني – العربي، التركيز على ضرورة وأهمية الحوار بين الثقافات ضمن وحدة الحضارة العالمية. وفي هذا الصدد، أعطى العرب ووفود البلدان العربية مشروعية لنينغشيا للعب دور أبرز وخاص في الحوار الجماعي، وتم الإتفاق على تنظيم «مهرجان الفنون العربية في نينغشيا»، وبناء «متحف فني عربي – صيني» دائم فيها، وتبادل الإتصالات بين الفنانين الصينيين والعرب، لتنظيم عروض فنية، وإدخال جائزة خاصة بالتبادل الفني الثنائي، وإقامة مراكز للتعاون والتبادل الفني، ومواضيع متعددة أخرى تتصل بالحضارة الصينية-العربية، وتثقيف الأجيال الصينية والعربية على «الروابط العربية» و«الروابط الصينية» لتعزيز التبادلات الروحية والمادية، ونأمل أن يساهم الاردن ووزاراتنا المختلفة، في سياق سياسة الحوار الناشطة والفاعلة لديها مع مثيلاتها في الخارج، بالمساهمات الفـُضلى، لنعكس بصورة واضحة وكافية قيمنا ومنهاجنا التي نركز عليها في كل صِلاتنا الدولية.

في نينغشيا، سنشهد جيلاً صينياً يتقن لغة الضاد، وقد رشح عن نية الحكومات المحلية توسيع تدريس العربية وجعلها لغة للمحادثة تسهيلاً على مواطني المنطقة لإرساء روابط نافعة مع العرب. من جهة أخرى نلاحظ كيف أن اللغة الصينية ومعاهد هذه اللغة تتسع في الاردن، مما يفتح كوُىً جديدة للتعاون الثنائي المثمر على مختلف الأصعدة، وفي شتى المناحي.

من ناحية أخرى، وضمن تسارع التبادل الثقافي مع الصين، كان لوفد اردني ثانِ لدورة حوار عقدت مؤخراً أيضاً لكن هذه المرة في بكين، مع معهد الصّين للدّراسات الدوليّة، رأي عملي وجاذب، إذ تناول الوفد ما سَمّاه بـ»الفكرِ العمليّ»، وتفسيره، الفكرُ الذي لا يكتفي بالكلام، مهما كان بليغًا ومؤثّرًا؛ بل يتعدّاه إلى البرامجِ العمليّةِ المدروسةِ والأفعالِ التي يكونُ لها وَقْعٌ ملموس على مواطنينا؛ فيتغيّرُ الحالُ من الحَسن إلى الأحسن، ذلك أن المُتحَاورِين كشّافةٌ وروّاد، يسبرون ويجسّون ويستكشفون حتّى يُمهّدَون الطّريقَ للناس؛ محاولين أنْ يكونَوا جُزْءًا من تيّارٍ عالميّ إنسانيّ تنويريّ.

marwan_sudah@yahoo.com

 

مروان سوداح

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة