中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > المواضيع الخاصة > الصين في عيون العرب
حقائق من أُورومتشي..
2010-09-27 16:41
 

قبل سنة، شهدت بعض الأحواز في غرب الصين أحداثاً دامية، إصطلح على تسميتها في الإعلام بـ»حوادث أُورومتشي»، راح ضحيتها عددٌ من الصينيين، ممن انساقوا خلف تهويلات وتضخيمات أذرع إعلامية عالمية تعمل لحساب جهات مشبوهة، نجحت للأسف بتشويه حقائق الأوضاع في تلك الأحواز الصينية، وعملت ناجحة على تسعير المواجهات بين الصينيين، فاقترف بعضهم ضد بعض أفعالاً لا يربطها رابط بالأُخوّة الإنسانية، ولا بتعاليم السماء والأرض.

لم يكن هدف الغوغاء في الأحداث ضرب الصينيين من مختلف القوميات والأديان بعضهم ببعض، بل وعزل الدول الإسلامية والصين عن بعضهم بعضاً بضربة واحدة وبيد الصينيين وشعوب هذه الدول بأنفسهم، وصولاً الى حالة من الجفاء فالمواجهات السياسية والدبلوماسية والمقاطعة الإقتصادية، وإلى تثوير الرأي العام العربي والإسلامي، وتشويش الأمزجة الشعبية الصينية عموماً، لتتبني هذه جميعها سياسة تعتمد العنف سبيلاً وحيداً لحل الإشكالات، وطريقاً لا بديل له يُقصي منهاج الحوار والتعاون الضامن للعدالة، للتسهيل أمام القوى المتسربلة بالمثاليات الباطلة الشروع في عملية كبرى أولها إثارة المُعَارضَات العرقية، وليس أخرها الإضرار بالسلم والوحدة الإجتماعية وتحطيم التضامن الوطني والقومي الشامل، وصولاً الى تفتيت هذا المارد الصيني والنيل منه، تحقيقاً لنيّتها في الإنتقام التاريخي، بعدما أضحى التقدم والإزدهار والإستقلالية الصينية ثوابت تقضّ مضاجع أنظمة عالمية معينة، سيما لأن العواصم «الثالثية» وشعوبها باتت ترى في النظام الصيني واقعي التوجه، ومُتحرراً عن عبادة الأيديولوجيا، وأُنموجاً يُحتذى لجهة سهولة إكتساب طرائق الإبداع البشري منه ونجاعة آليات نشره وتمكينه، وهدفاً للمنفعة الفكرية الأُممية، العلمية والإقتصادية يُقتبس منها، وسنداً للمظلومين والمتعبين والمتطلعين الى الشمس.

في أورومتشي كان «الواقع الأول» مختلفاً. فبعد أن بردت الرؤوس بعد إثني عشر شهراً من المواجهات، تكشّف أن الكراهية، تولّدت في صدور الصينيين، جراء تضخيم حادثة عرضية وبسيطة، تجاهلها «صفٌ مُجنّدٌ» في الإعلام العالمي، راح يزعق في بوق الكلمات تبريراً لما يُسمى ِمقولات صراع الثقافات والأديان و.. «إقتتال الحضارات»، ليصل الى مبتغاه بوأد الحضارة الصينية العظيمة، بماضيها وحاضرها، وفسيفسائيتها وإنسجاماتها القومية والسيكولوجية العريقة، وسلامها الفردي والديني.

الشرارة الأُولى إندلعت في هشيم العلاقات بين قوميتي (الويغور) و (هان) إثر شجار جماعي في مصنع (شيويري) للعب الاطفال في (شاوقوان) لمقاطعة (قوانونغ). وما لبثت الحادثة أن توسّعت من عرضية الى صراع عرقي، وصبّت أبواق إعلامية خارجية «الزيت على الرؤوس الحارة»، لتصطبغ هذه بحقد أعمى، عزّزه نشر شائعات ردّدت مَقتل أعدادٍ ضخمةٍ من المتواجهين و»تحضيراتهم العسكرية» للإنتقام. ولعبَ الإعلام لعبته الخبيثة بتوجيه الرأي العام الصيني بألوانه صوب الخلافات القومية والدينية، لكون الخلافات في هذين المجالين حالة كأداء على الحل سريعاً بالعقلانية السياسية والإجتماعية، فهي تتجذّر عادة مع مرور الأيام والسنون في صدور الناس، دون التمكّن من إنتزاعها بيسر أو إثبات خلفيات مروجيها التآمرية بسهولة.

ولوحظ أن منظمات التطرف المتحالفة مع القوى الخارجية لعبت دوراً ناشطاً في تضخيم الأُمور، عبر نشر الأخبار الكاذبة بكثافة، والترويج بالصراخ لشعار إستفزازي – «كن شجاعاً.. وافعل شيئاً عظيماً».

حادثة أُورومتشي تؤكد، أن الجهل عدو الشعوب، وأن الجاهل عدو نفسه أيضاً، لأنه يخسرها لصالح أجندات سرية أجنبية، تعمل على تغيير واقع الأُمم وتجييره لنفسها فالهيمنة عليه، دون الإعتبار حتى للبيادق البشرية، أو كما يمكن تسميتها بـ»الأرقام الصمّاء»، التي هي وسيلتها في نيل مآربها والوصول الى مرادها الدموي.

marwan_sudah@yahoo.com

 

 

مروان سوداح

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة