中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > المواضيع الخاصة > الصين في عيون العرب
الصين وفوانيس رمضان
2010-09-26 16:37
 

الصينية الجميلة، الكبيرة وذات الألوان الزاهية، التي دَرَجَ العالم الإسلامي خلال العشريات الأخيرة على استيراد كميات ضخمة منها من الصين بالذات، تماماً كما يستورد عادة غيرها من السلع التي تفيض بها على مدار العام أسواقنا العربية، الإسلامية وحتى تلك الأوروبية والأمريكية .

تكشف إحصائيات إقتصادية مصرية، أن «أُم الدنيا » هي أكبر بلد يستورد فوانيس رمضان من الصين، بإجمالي قدره 35مليون دولار سنوياً، وتتعامل سبع شركات مصرية مع أربعة مصانع صينية معظمها في قرية «شانتو»، وتستورد منها 11مليون فانوس رمضاني سنوياً، وتحدّد الشركات للمصانع شكل الفانوس، المواصفات، نغمة الصوت والأغاني التي تنطلق منه. ويؤكد الدكتور عمر بركات، وهو أحد أهم مستوردي الفوانيس الصينية المصريين، أن الفوانيس الصينية يتم تصنيعها أساساً من المخلفات الصناعية التي تهتم الصين بإستيرادها من مصر، وتقدّر بحوالي ثلاثة مليارات جنيه سنوياً(!)، ويُعيد الصينيون تصنيعها في منتجات كثيرة منها، الفوانيس، المنتجات الزجاجية الملوّنة والإكسسوارات المنزلية .

 

وفي المحاضرتين اللتين ألقاهما أمام الصحفيين العرب في بكين كلٌ من (ما جين) المدير العام لـ(الهيئة الوطنية للشؤون الدينية) بعنوان «مسيرة الإسلام في الصين»، والدكتورة (ياو جيونمي) عن «حقوق الإنسان في الصين في عيني»، تبيّن لي وجود أكثر من ثلاثين ألف مسجد عامل في تلك البلاد. أما في بكين فيوجد عدد غير قليل منها، أشهرها (مسجد نيوجيه)، ويعود تاريخه الى أكثر من ألف عام، و(مسجد دو نفسي)، وعمره أكثر من سبعمائة عام. أما أقدم المساجد على الإطلاق فهو مسجد (هوليشينغ) ومعناه (الحنين إلى النبي) في مدينة قوانفتشو عاصمة مقاطعة قوانغذونغ، وهو المسجد الذي دعا منه سعد بن أبي وقاص الصينيين إلى دخول الإسلام. ويُسمى شهر رمضان في الصين (باتشاي)، ويبلغ عدد المسلمين هناك 21مليوناً، والأئمة أكثر من40 ألف إمام، ويتركّز معظم المسلمين تاريخياً في شمال غربي الصين، ولا يعتمدون على الهلال في الفطر، لأنهم يتمسكون بصيام ثلاثين يوماً على الدوام، وقد كان صيامهم خلال رمضان الأخير أطول صيام رمضاني خلال السنوات الـ 25 الماضية !.

 

وعلمت خلال المحاضرات أن المسلمين يأتون في المقام الثاني بعد البوذية بالنسبة لعدد السكان، ويشغلون المقام الأول في مجال رحابة انتشارهم بين القوميات هناك، أما الإسلام فهو الديانة الأولى التي رُفعت حكومياً الى مستوى «التميّز» والرعاية. فمنذ تأسيس الدولة الصينية الحديثة، لم تتمتع بهذه الميزات والحدب أي من القوميات الأخرى، ومن بينها قومية «هان» الأكثر عدداً وانتشاراً، وذلك إنطلاقاً من سياسة الدولة الصينية برعاية موصولة للقوميات الصغرى والحفاظ على مشاعرها الدينية مَصوُنة، بهدف وقف إنحدارها في سياق عملية التطور الإجتماعي - التاريخي الطبيعية. لذا، لا تطبّق على مسلمي الصين سياسة تحديد النسل الرسمية التي تطال القوميات الأخرى كافة، بل تقدم الدولة للمسلمين أشكالاً متعددة من المعونات، الخدمات وعمليات التأهيل لتيسير شؤونهم الحياتية وتسهيلها، ومكافحة الفقر والبطالة في صفوفهم، وتنمية مناطقهم زراعياً وصناعياً، فرفع قدراتهم العلمية والثقافية والفردية ليتمكنوا من مواجهة أعباء الحياة .

 

ولئن كان الإنفتاح الصيني قد ولد في الأحواز الأكثر تطوراً وتقبّلاً للإنفتاح، ومحاذاةً للموانئ البحرية وتوافر طرق المواصلات، إلا أنه يتمدّد اليوم بخطى سريعة الى المناطق الغربية المسلمة، وقد باتت هذه ترتبط بالتدريج مع الأجزاء الأخرى بشبكة مواصلات ناشطة، وتشهد على ميلاد بُنى أقتصادية كبرى وإرساء مشاريع مُبشّرة .

 

marwan_sudah@yahoo.com

مروان سوداح

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة