中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > المواضيع الخاصة > الصين في عيون العرب
تحالف مع شعب يقتحم الآفاق
2010-08-22 04:16

 

وفقاً للمقاييس كافة، يبدو أن الدولة الإبداعية الصينية لن تقف عند حدود، ذلك أنها تأخذ حالياً بالتحوّل من دولة صَانعة الى دولة مُبدعة، أو كما درجوا على تسميتها مؤخراً بـ»الدولة المبتكرة والمُبدعة»، وأضحى يُطلق على منتجاتها وإختراعاتها ذات الصفة. وعندما يتعلق الأمر بالصناعة ينتقلون من الصفة التقليدية البسيطة «صنع في الصين» الى أَخرى ذات دلالات عميقة هي «إبتُكر في الصين»، إذ أن هذه الدولة الكبرى التي تواصل رحلة تحوّلها من مركز صناعي عالمي الى مركز إبداعي وتطويري وبحثي دولي بدعم من حكومتها، تواصل توسعة نطاق الإستثمار في قدرات الأبحاث والتطوير وحقوق الملكية الفكرية، لتكون قد انتقلت بالفعل إلى مرحلة أخرى عندما يتعلق الأمر بعالم الإبداع والإبتكار.

وفي هذا الإتجاه تشهد الصين حركة توظيف ناشطة للرساميل الفردية والجماعية، الداخلية منها والخارجية، وها هي تفتح الباب واسعاً لقوى السوق، وتنشّط القطاع الخاص ليكون قادراً على لعب دور متنام وفاعل في عملية التوظيف، الإنتاج، الخدمات، التسويق والسياحة وغيرها، لكن بشرط تشجيع هذا القطاع للإبداع الذاتي المستمر، وإعتبار القدرات الإبداعية لدى الأفراد والمؤسسات الجماعية بمثابة الركيزة الإستراتيجية للتنمية البشرية المُستدامة، والحلقة المحورية في النشاطات العلمية والفنية والإجتماعية عموماً، في سبيل تعديل هيكل الصناعات الحديثة في الصين، للنجاح برفع مكانة الإبداع الفردي والجماعي إلى المستوى الإستراتيجي الوطني الشامل، لتأمين دخول الصين في عملية تنافس متكافئة على مستوى التنمية الداخلية والتحديات الخارجية، مع التركيز على الإنسان الصيني، وتحقيق حاجاته الأساسية، وتنمية قدراته ومواهبه، ليكون قادراً على اجتراح الإبداع الفردي والجماعي.

من نافلة القول أن الانسان لا يُبدع إذا كانت معدته خاوية، وإذا كان مستقبله الشخصي غير مضمون، لذا تنجح الصين حالياً بإرساء نظام جديد متدرّج للضمان الإجتماعي الشامل، يتناسب مع مستوى التنمية الإقتصادية في البلاد، ويترافق مع تحسين نوعية الخدمات الصحية، السكنية والتربوية، وتحقيق مستوى معقول في حماية حقوق العمال والنساء والأطفال، وتطوير نظام الرعاية الإجتماعية للعاطلين عن العمل، المحتاجين، ذوي العاهات والمنكوبين وغيرهم، مع إعادة توزيع الدخل بطريقة صحيحة، محاربة الفساد والإفساد، دفع وتائر إثراء الحياة الثقافية والروحية للشعب الصيني، وتوجيه الشباب الصيني نحو إقتصاد المعرفة والخدمات التكنولوجية المتطورة، من خلال زيادة التشغيل في خانة «التوظيف المُبدع» بعيداً عن البطالة المقنعة التي حملتها لوقت طويل الطبيعة البنيوية للنظام الإشتراكي في مراكز الأبحاث العلمية، الجامعات، المعاهد العليا والمؤسسات الإجتماعية عموماً.

ومن أجل إستكمال حالة الإبداع المترابط، تجهد الصين إعتبارا من عام2005 على حماية الملكية الفكرية على إختلاف أشكالها، ومكافحة إنتهاكات حقوق الطبع والنشر الورقي والألكتروني، وإتخاذ إجراءات جديدة وفعاّلة لمكافحة القرصنة والتجريح على الإنترنت لضمان بيئة إعلامية وإبداعية صحية في الفضاء الألكتروني. ففي العام الماضي وحده قامت مصلحة الدولة لحقوق النشر بالتحقيق في541 قضية خالفت هذه الحقوق على الإنترنت. وفي عام2008، أصدرت الحكومة الصينية «المنهاج الإستراتيجي لحقوق الملكية الفكرية»، الذي أكد تقوية القدرات التنافسية من خلال تحسين نظام حماية حقوق الملكية الفكرية. وتطبّق هذه الإستراتيجية بصورة صارمة، حيث تم التعديل الثالث لـ»قانون براءات الإختراع» ولوائحه التفصيلية، مما أدى الى نمو عدد طلبات هذه البراءات المحمية الى970 ألفاً خلال العام الماضي، أي بزيادة معدلها7.9% مقارنة بعام 2008.

 

مروان سوداح

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة