中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > المواضيع الخاصة > الصين في عيون العرب
تحالف مع شعب يقتحم الآفاق -«الدولة الابداعية»- 5
2010-08-15 17:52
 

تطرقت في المقالة السابقة الى أن عديد المبدعين «السوبر» الصينيين وصل في عام2000 إلى عشرة الآف شخص، أي أن اختيار هؤلاء في دولة- قارة ومن بين ما يقارب المليار ونصف المليار مواطن يتم على أسس صارمة للغاية، ووفق معايير لا تخضع للمزاجية أو المحاباة، بل تضع مصلحة الدولة وقدرتها التنافسية العالمية في الدرجة الاولى.فدولة مثل الصين قادرة على تجميل المعطيات والإحصاءات والإعلان عن جيش مليوني من العلماء والمبدعين، لكنها لا تفعل ذلك إحتراماً لنفسها ومقاصدها ووسائلها العلمية للوصول الى الدولة الابداعية فعلاً لا قولاً أو استعراضاً إعلامياً.

 

قبل سنوات قليلة قال «لي فو كي»، نائب وزير التعليم الصيني: «بالرغم من أننا نتمتع بنمو متسارع للغاية لإقتصادنا فلدينا نمو محدود في الملكية الفكرية. نشعر بفخر شديد بالإختراعات الصينية الأربعة في التاريخ القديم:البوصلة وصناعة الورق والطباعة والبارود الأسود. ولكن في العقود التالية لم نحافظ على معدل الإختراعات هذه، التي أثبتت قدرة الشعب الصيني، إذن لماذا لا يحدث ذلك الان؟ نحتاج للعودة الى الطبيعة ورعاية المزيد من التفكير الإبداعي وفكر رجال الأعمال، وهي القضايا التي نحاول التركيز عليها الان».

 

للمقارنة بين القدرات والإبداعات الصينية والأمريكية أو الغربية عموماً ومقدار نموها وقابلية الصين لمواصلة مسيرة الإبداع منذ الإنفتاح، نرى على سبيل المثال أن مركز أبحاث مايكروسوفت في آسيا، الذي أسسه بيل غيتس في بكين لجذب القدرات العقلية الصينية في عام1998 استخدم 20 باحثاً صينياً فقط من بين2000 من أفضل المهندسين والعلماء الذين أُجري لهم اختبارات ذكاء. لكن وبعد سبعة أعوام تالية فقط اجتذب هذا المركز الشهير مئات من البحاثة والعلماء الصينيين، الذين وجدوا فيه ضالتهم، وأكدوا بالتالي تسارع نمو الإبداع الصيني ضمن سياسات ونهج الدولة الإبداعية العالمية. ولمواكبة عملية تسارع هذا النمو، فقد تقدّم المركز البكيني ببحثين خلال1999 و2000، وببحثين عام2001، بينما نشر في مؤتمر سيغراف2005 - 98 بحثاً من مراكز أبحاث من جميع أنحاء العالم 9 منها، أي10 في المائة تقريباً، كانت من مركز أبحاث مايكروسوفت الصين، وتغلّب المركز بذلك على جامعة ستانفورد وعلى كلية ماساشوستس للتكنولوجيا.. أما الآن فيساهم المركز بالكثير من الأبحاث المتلاحقة، وقد تعرّفت خلال زيارتي الأخيرة للصين على شركات إبداعية بلغ عدد براءات الإختراعات الإبداعية لديها أربعين ألفاً(!!!) تعبّر بجلاء عن قدرات صينية كامنة وهائلة لا تخضع للمقاييس الطبيعية.

 

هل يمكن لشخص أن يكون مبدعاً ويحلّق ببلاده الى الآفاق؟ نعم، هذا إذا ما توافرت له مجموعة من العوامل وعلى رأسها، القرار السياسي، حكم القانون الى جانبه، التشجيع، الدعم المعنوي وتوافر رأس المالي لتذليل العقبات التقنية واللوجستية الناشئة، وقبل كل شيء إدراك الواقع ومتطلباته لتحفيز المرء على العمل فالإبداع الموصول.

 

يقول مُبدع صيني رداً على سؤال صحفي أمريكي: ما الفرق بين الصين والولايات المتحدة؟ أجاب الصيني: الفرق هو بين التقنيات الصينية والأُخرى الأميركية المتقدمة وهو فارق ثلاثة شهور، إذا لم تضع في الحساب الإبداع.. فعندما كنت طالباً في المدرسة والجامعة، لم نكن نعرف ما الذي يدور في أمريكا.أما الآن فعندما يضع شخص في كلية ماساشوستس للتكنولوجيا شيئاً ما على الإنترنت، يمكن للطلبة الصينيين إستيعابه في ثلاثة شهور فقط!!!

 

مروان سوداح

  

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة