中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > المواضيع الخاصة > الصين في عيون العرب
تحالف مع شعب يقتحم الآفاق – 2
2010-07-25 15:40


تُصرُ القيادة الصينية على إضفاء صفة «التكامل المتبادل» على روابطها مع العالم العربي، والأمر يؤشّر على صفاء بالغ في الإستراتيجية السياسية والفلسفة الصينية، فهذه وتلك تنظران الى العرب، ككلٍ، ليس بكونهم حديقة خلفية لمصالحها ومصالح إسرائيل الإقتصادية، العسكرية والأمنية كما تعتبرنا الولايات المتحدة في أجندتها التسلطية الكونية، إنما بكين تضعنا على مستوى واحد مقابلها مؤكدة بالتالي أننا عالمان يتكاملان في عالم يشد بعضهُ أزر بعض، وهي فلسفة تشاركية بعيدة عن النوازع الإمبريالية وحتى عن الإشتراكيات الحكومية البائدة.

ترى الصين أن العالم العربي لن ينجح بمفرده في عالم الصراع الضاري، وتعتقد أن التشاركية تحقق التوازن في العلائق الدولية والمصالح وتقارب بين المبادئ، وتكفل بناء إقتصادات دينامية وذات قواعد قانونية ومادية ثابتة في الطرفين تحقق لهما السيادة الإقتصادية، وتجر الى منعة في القرار السياسي العربي فتحقيق للذات العربية.

إقلاع الصين الجديدة يتم بالأجنحة كافةً: تغيير أُسس المُلكية الإجتماعية والإقتصادية؛ تشييد الطرق البرية السريعة.. وبعد سنوات ثلاث ستتجاوز أطوال هذه الطرق مثيلاتها الأمريكية؛ ربط البلاد بشبكة متطورة من السكك الحديدية فائقة السرعة وإقامة المصانع على جانبيها تسهيلاً لإنسياب المواد الخام والبضائع منها وإليها؛ الإستصلاح الأمثل والمتوازن للطبيعة وبشرط أن يكون رفيقاً بها؛ تشييد ناطحات السحاب محددة الأهداف وضمن مواصفات صديقة بالمدن والمسطحات الخضراء والتجمعات البشرية؛ إقامة مدن صناعية وخاصة متخصصة تحكمها قوانين عصرية واضحة المعالم وثابتة؛ تسريع غزو الفضاء وإنجاز برامج متكاملة خارج إطار الكرة الإرضية لتطوير الإقتصاد الصيني وإرساء قاعدة صناعية للفولاذ والحديد لتمكين نمو الصناعة الوطنية فضمان تنافسيتها على صعيد كوني والوصول الى حجم إنتاج يفوق نصف الإنتاج العالمي برمته!.

 

تبعاً للسياسة الإقتصادية الجديدة، تحتل الصادرات الصينية في عالم اليوم المرتبة الأُولى، كذلك أمر الصين بالنسبة لإحتياطيات العملات الأجنبية الصعبة منذ عام2006، وهي الدولة الثالثة من حيث تطوّر تكنولوجيا مركبات غزو الفضاء هادفة اللحاق بروسيا وأمريكا؛ وتصنع الصين ثلاثة أنواع من المركبات الوطنية بحجم يصل الى 13مليون وحدة سنوياً، وهي تشغل، عموماً، المرتبة الأولى في هذه الصناعة بَعد أن كان إقتناء مركبة حلماً يراود الصينيين في العهد السابق، أما راهناً فيتبضع الصيني في المتجر ببطاقة مالية. ويُشبِّه الصينيون سرعة تطورهم كقطار فضائي يتجاوز كل دول أُوروبا الغربية دفعة واحدة، ويعيدون نجاحاتهم الى انطلاقاتهم من عوالم متقاطعة أو متعارضة ومتباينة مكّنتهم من إنجاز نهضة صناعية وتكنولوجية غير مسبوقة في التاريخ، أوصلتهم الى غزو أسواق العالم المتقدم والنامي على حد سواء ومنها العربية، التي أضحت تعتمد أساساً على السلع الصينية، فتحوّل ميزان التبادل التجاري لصالح بكين مع غالبية العالم، ما أفضى الى مساهمات صينية بإثراء الإقتصاد العالمي، وزيادة حجم التجارة الدولية، وحجومات الإستثمارات الصينية والأجنبية في مختلف البلدان خاصة في العقارات والصناعات والخدمات ومنها الإنسانية.

ومن المهم التنبّه الى ضرورة إعادة النجاحات الصينية الى الترابط الفكري في قومية (هان) واستحضارها جذورها الأولى، فتمكين الفلسفة الصينية التقليدية من المجتمع المعاصر لضمان نموه المتوازن بعيداً عن تأليه الفرد وتعظيم دوره المتضخم والمزيف الملاصق لطبيعة عالم رأس المال. وتكمن نقطة الإختلاف الجوهرية مع الغرب في البُعد الفلسفي الذي يربط ما بين الثقافة الصينية، القائمة على أساس الوفاق والتفاعل بين التناقضات إنطلاقا من فلسفة (ين ويانغ) التقليدية وتفاعلها مع فكر كونفوشيوس، الذي جرى إحياؤه وفلسفة بوذا التي استعادت قدراً كبيراً من تراثها.

marwan_sudah@yahoo.com


مروان سوداح

 

 
أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة