中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > المواضيع الخاصة > الصين في عيون العرب
كنت في الصين
2010-07-01 23:11
 

مذهل ذلك الاعتزاز الكبير الذي يُظهره الشعب الصيني على كافة مستوياته الرسمية والشعبية بالانتماء لدولة الصين الشعبية وحضارتها المدونة التي تمتد في جذورها الى قرون عديدة قبل الميلاد, فالصيني في وزارة الخارجية وبائع القمصان في "سوق الحرير" يتمسكان باللغة الصينية للتفاهم مع اي زائر مهما علا شأنه ومع اي مشتر مهما كانت جيوبه منفوخة بالمال.

قد تكون مشكلة بحد ذاتها مسألة غياب لغة مشتركة يتفاهم من خلالها المواطن او المسؤول الصيني مع الاجانب, فالصينيون يصرون على الحديث بلغتهم حتى لو كانوا يعرفون لغة الضيف او يشاركونه التفاهم عبر لغة الكون "الانجليزية" لكنهم يصرون على التخاطب من خلال المترجم من ابناء جلدتهم.

وهذا بحد ذاته مثار اعجاب (رغم صعوبته للطرف الثاني )لانه تصرف يعبّر عن احترام الذات القومية والاعتزاز بها دون الانجرار وراء التقليد الاعمى الذي لا يعرف سوى الانحناء امام متطلبات السوق والموضة الامريكية.

التواضع والبساطة صفة تلازم الصينيين في كافة مراتبهم, فالمسؤول في وزارة الخارجية يخبرك بكل تواضع ان بلده " من دول العالم النامية" رغم ضخامة اقتصادها ونسبة نموها السنوي الذي لا يشبه غيره في اسواق العالم, طبعا هذا كلام لا يقنع احدا لان حجم الصين وقدرتها على ازعاج الولايات المتحدة سياسيا واقتصاديا يحددها حجم الناتج القومي وحجم الكتلة البشرية وهو دور مهم وليس هامشيا خاصة في ضوء ما نراه في ازمة الملف النووي الايراني, فالتواضع الصيني"تكتيكا"من اجل التمكين وتقوية الذات وهذا حق مشروع.

ونحن كعرب نحب الصين وشعبها لانها كانت وما زالت مناصرة للقضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية ورفضت العدوان الامريكي على العراق, لا بل ان بكين لم تقم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل الا بعد مؤتمر مدريد للسلام.

تذهب الى بكين وفي ذهنك ان تجد 30 مليون شخص هم سكان العاصمة الصينية امامك في الشوارع والمتاجر والمطاعم, لكنك تفاجأ بانها مدينة وادعة نظيفة وجميلة لا تعاني من ازدحام البشر او اكتظاظ السيارات بل ان ازمة السير في القاهرة قد تتفوق على مثيلتها في بكين.

في مقاطعة (نينجيشيا) ذات الحكم الذاتي والتي تقطنها اغلبية من قومية مسلمة تجد الناس على بساطتهم وترحيبهم بالعرب المسلمين فتجدهم يقفون على باب المسجد للترحاب بالزائرين العرب واخذ الصور التذكارية معهم لا بل ان المؤذن وخطيب المسجد يوصينا بالدعاء لهم بالفلاح والنجاح لان دعاءنا ( كعرب ) مستجاب على حد قوله, طبعا لو كان افتراضه صحيحا لتغيّرت اوضاع العرب جميعا الى غير هذه الحال.

تفأجا في الصين بان نكهة الطعام تختلف تماما عما اعتدت عليه في المطاعم الصينية في عمان وهناك من يفترض بان كل شيء رخيص في الاسواق لكن الحقيقة ان "الماركات العالمية" اسعارها غالية جدا مع انها منتجات صينية وفي المقابل فان "سوق الحرير" وهو (مول) يحتوي على محال صغيرة تبيع بضائع رخيصة من الملابس والاقمشة والشنطات والاكسسوارات والسجاد وغيرها, ويمكن ان تفصل بذلة بالقماش الذي تختاره وتتسلمها خلال ست ساعات.

اغلب الزبائن في (سوق الحرير) من الاجانب, لكن التسوق مزعج لان البائعات لا يعرفن غير اللغة الصينية ومجال التفاهم معهن يكون من خلال الحاسبة الالكترونية, فالبائعة تضع رقما وانت تضع ما يناسبك من سعر, لكن ليس من السهل ان تغادر المحل قبل ان تشتري, فالبائعة تطلب في احد القطع مبلغ 400 ايوان (40 دينارا) لكنك من خلال المفاصلة قد تشتريها باربعة دنانير وهي لعبة بات الاجانب يعرفونها.

زيارة الصين تجربة فريدة لبلد عظيم وجميل وصديق

نبيل غيشان من جريدة العرب اليوم.

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة