中文 English الاتصال بنا الأرباط المعنية
   صفحة رئيسية  > الأخبار
انتعاش في نظام الرعاية الصحية في الصين
2007-09-16 00:00

مع اقتراب تشانغ لان من سن الستين, وجدت نفسها - في غالب الأحيان - يصيبها دوار وهي صاعدة نازلة من على السلالم.

تشانغ في الثامنة والخمسين من العمر.. متقاعدة بعد ان عملت في مصنع للغسالات مملوك للدولة, بعد ان تعرض لاخفاقات . ولم تأبه لتوسلات ولدها كى تزور طبيبا. قالت: "هذه مشكلات تشيع حين يصيبك الكبر."

عدم رغبة تشانغ في زيارة الطبيب مسألة شائعة لدى كبار السن بالصين, الذين يخافون الأطباء الذين يعملون من أجل المال. كثيرون هم الذين يؤجلون زيارة الطبيب, تاركين وعكاتهم البسيطة تتطور الى حالات خطيرة تنتهي باستهلاك مدخراتهم.

المزعجات على رأس التكاليف

وانغ تشى هو ولد تشانغ. وفي العادة, يحدد لها المواعيد, ليسرع الى المستشفى باكرا ليجد صفا طويلا أمام شباك التسجيل.. سبب آخر يجعل تشانغ لا تزور الطبيب لتسأله عن الدوار الذى يصيبها.

ظلت تثابر على عدم الرغبة الى ان سقطت على سلالم مسكنها.

قال الطبيب انها مصابة بورم في المخ.. ما زال يمكن علاجه - ولكن بعملية جراحية فورية.

منذ إجراء العملية, قتر وانغ تشى على نفسه وصار يوفر المال, وقصد كل ركن ليدفع فاتورة علاج والدته - 100.000 يوان ( 13150 دولارا أمريكيا ) .. وانغ موظف ببنك دخله الشهري 2.000 يوان ( 263 دولارا أمريكيا ).

ما زال يراوده الأمل في مساعدة من نظام الرعاية الطبية الصيني.

لما كانت تشانغ ما زالت تعمل بعام 2000 انضمت الى " نظام تأمين طبي لسكان المدن العاملين " من خلال المصنع الذى عملت به.. اقتطاع 2% من راتبها الشهري أوتوماتيكيا لتضاف كأقساط لحسابها في مركز خدمات الضمان الاجتماعي.

أتاح قرار مجلس الدولة في عام 1998 والذى أطلق إصلاح الرعاية الطبية بالصين, للعاملين بالمدن, بما في ذلك أصحاب المعاشات, للانضمام الى شبكات الرعاية الطبية العاملة محليا, بدمج التأمين الشخصي والضمان الاجتماعي.

الرسوم القليلة للعيادات الخارجية تدفع من الحساب الشخصي رئيسيا فيما نفقات العلاج الكبيرة تدفع رئيسيا من صندوق الضمان الاجتماعي.

أصحاب المعاشات يعفون من دفع الأقساط. تتلقى تشانغ ومعاشها الشهري 1000 يوان - 131.6 دولار أمريكي - 1200 يوان ( 158 دولارا أمريكيا ) سنويا من حسابها الشخصي للعلاج بالعيادة الخارجية.

قال موظف بمركز خدمات الضمان الاجتماعي لحي تشاويانغ بشرق بكين: " في واقع الأمر, ان الحكومة تتيح لأصحاب المعاشات خدمات مجانية بالعيادات الخارجية. واذا ما ترددوا على الطبيب باستمرار, تعاد اليهم أغلب الرسوم المدفوعة."

على كل حالة.. ما زالت النفقات الطبية الكبيرة للجراحة والعلاج, عبئا ماليا رئيسيا للمريض. ولكن الحكومة تشجع المؤسسات على إنشاء تأمين طبي إضافي لموظفيها, لا سيما للنفقات الطبية التى لا يغطيها النظام الطبي.

بيد ان مصنع تشانغ كان على شفا الانهيار المالي. وقال وانغ تشى ( 27 سنة ) : " نصف فواتير والدتي العلاجية قد استرد عبر التأمين الطبي ". وأضاف : " التأمين الطبي يغطي جزءا فقط من تكاليف العملية الجراحية للعمليات المعقدة مثل جراحة المخ, لكن ما زال علينا ان ندفع بأنفسنا مبلغا ضخما."

انهيار الخدمات الطبية المجانية

في سبعينات وثمانينات القرن العشرين, تمتعت تشانغ برعاية طبية مجانية كاملة, بحسب النظام الاقتصادي المخطط في الصين. وكانت وحدة العمل تقدم كل شىء.

قدمت وحدة العمل كافة الاحتياجات بما في ذلك دعم للوازم اليومية والتعليم والمواصلات والإسكان. ما زال جيل من الصينيين يحن الى الماضي بشأن كوبونات المواد الغذائية - مثل البيض واللحوم.

تيان ( 51 سنة ) - محاسب متقاعد لمصنع منسوجات قطنية مملوك للدولة, قال: " وحدة العمل كانت مطلقة بلاحدود."

وقال تيان ان الناس آنذاك كانت طلباتهم قليلة, اذ كان لكل واحد مستوى مماثل من المعيشة, وكان الراتب البسيط يكفي.

" لو احتجت لعملية جراحية, كنت تطلب من وحدة العمل دفع الرسوم العلاجية حتى لأطفالك. كل شىء كان مجانا."

مهما يكن من أمر - قال تيان - كثير من وحدات العمل لم تقدر ان تقدم حفاظا على ثقافة " سلطانية الأرز الحديدية " و" تدريجيا.. أصبحت الفواتير الطبية الناشئة كثيرة للغاية, وإن كانت وحدة العمل التى تتبعها غنية, كنت محظوظا جدا."

كانت الدوائر المالية هي الأكثر انشغالا بين مكاتب وحدات العمل. العمال ينهضون مبكرا لاستعادة ثمن فواتير علاجهم من خلال شباك صغير. وفي العادة بعد الصباح, كان المحاسبون يقولون للصفوف المنتظرة ان الفلوس انتهت.

تان شن - زميل باحث في أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية ( مركز بحوث حكومي ) - قال: " كانت المشكلة - ان العمال لم يكن لديهم دافع لأن رواتبهم بقيت كما هي بغض النظر عن كمية عملهم, والرعاية الطبية أدت الى اهدار ضخم للموارد."

رعاية طبية لكل واحد

شرعت الحكومة المركزية في إصلاح الرعاية الطبية في تسعينات القرن السابق, بعد اكتشاف ان نظام الرعاية الطبية.. بالتمويل العام المتداعي لم يعد ذا فعالية.

في عام 1998 - بدأ عمال المدن يدفعون 2% من رواتبهم في حسابات التأمين الطبي الفردي الخاصة بهم, وكان أصحاب العمل ملزمين بالمساهمة بنسبة 4% من فاتورة الأجرة الاجمالية الى صندوق ضمان اجتماعي تديره الحكومات المحلية.

قال الباحث تان:" هذا الأمر قد فصل الرعاية الطبية للعامل عن نظام وحدة العمل, وقلل الى حد كبير الأعباء المالية للمؤسسات وجعل الأمور أسهل لتنشيط المؤسسات المملوكة للدولة."

على أية حال.. أصبح هذا القطاع يتعرض لانتقادات متنامية نظرا لارتفاع الرسوم الطبية وعدم القدرة في ذلك والعلاقات السيئة بين الطبيب والمريض, والتغطية المتدنية لنظام الرعاية الطبية.

تقول الإحصاءات من وزارة الصحة ان التكاليف العلاجية المرتفعة قد أعادت صينيين - مدن وأرياف - كثيرين الى الفقر.. ثلث مرضى الريف لا يرغبون في زيارة المستشفيات و45% من مرضى الريف يخرجون من المستشفيات قبل شفائهم تماما.

أظهر استطلاع أجرته في ديسمبر الماضي, أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية, ان نفقات الرعاية الطبية قد ارتفعت 11.8% من معدل الاستهلاك العائلي, ذلك يتجاوز الإنفاق على التعليم والمواصلات - نسبة عالية جدا بالمقارنة مع الدول المتقدمة.

في عام 2005, صدر تقرير لمركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة - مجلس الوزراء - وجه نقدا لاذعا لإصلاح القطاع الصحي, وتوصل الى ان الإصلاحات في العقد الفائت كانت " غير ناجحة من حيث الأساس." ولقد أثار التقرير نقاشات عامة حول طريق الإصلاحات الصحية بالصين.

ما زال على الحكومة ان تقرر سياسة طويلة الأمد. وما زال الخبراء يقارنون بين طرق الإصلاح عبر دراسة مختلف أنظمة ومقترحات الرعاية الطبية. واكثر المسائل الشائكة هي التمويل وهياكل الإدارة.

على كل حال.. اتخذت الحكومة خطوة مهمة في هذا العام - توسيع الوصول الى رعاية طبية رشيدة الأسعار, وان يصل التأمين الى 80% من المحافظات الصينية والمزيد من سكان المدن بما في ذلك من هم من دون وحدة عمل.

تقول الإحصاءات الرسمية ان 157 مليونا فقط من 1.3 مليار صيني شملهم التأمين الطبي بنهاية العام السابق - أغلبهم عمال مدن وأصحاب معاشات لهم وحدات عمل.

في هذا العام, يمكن لمواطني المدن - بما في ذلك الأطفال والعاملون بأنفسهم - الذين لم يشملهم " التأمين الطبي لعمال المدن" الحصول على التأمين من خلال " التأمين الطبي لعمال المدن." ستخصص الحكومات المحلية أموالا لتغطية العلاجات الرئيسية جزئيا.

قال الباحث تان شن: " سكان المدن من دون وحدة عمل, بما في ذلك العاملون بأنفسهم وأصحاب الأعمال الخاصة, يمكن تغطيتهم."

وثمة خطة إصلاح قد يتم اتخاذها لتحويل عدد من المستشفيات العامة الى مستشفيات تقدم الخدمات الطبية للأحياء.. تقدم في الأغلب خدمات العيادة الخارجية للسكان والعمال المهاجرين.. حسبما قال ليو شين مينغ المسؤول بوزارة الصحة عن السياسات واللوائح الطبية.

سيغطى نظام الرعاية الصحية التعاونية الريفية ( تأسس عام 2003 ), 80% من محافظات عموم الصين قبل نهاية العام الحالي وكافة الأرياف بالعام المقبل, لمساعدة 900 مليون صيني من سكان الريف.

بنهاية العام السابق, كان هذا النظام قد غطى نحو 50.7% من أرياف الصين أو 1451 محافظة, ووقع 410 ملايين مزارع ( 47.2% من سكان الريف). في العام السالف.. دبر هذا النظام 21.36 مليار يوان - 2.81 مليار دولار أمريكي - وأنفق 15.58 مليار يوان - 2.05 مليار دولار أمريكي - حسب الإحصاءات.

المشارك في هذا النظام يدفع 10 يوان ( 1.3 دولار أمريكي) سنويا.. تشارك الدولة والحكومات على مستوى المقاطعة والبلدية والمحافظة بمبلغ 40 يوان أخرى ( 5.2 دولار أمريكي) للصندوق التعاوني. وعندئذ.. يحصل المزارعون الذين يساهمون على استرداد نسبة نفقاتهم حسب العلاج الذى يتلقونه.

في وقت سابق من هذا العام, تبنى مجلس الدولة خطة خمسية لتعزيز تطوير نظام الصحة العامة الذى يعد بإنشاء شبكة طبية أساسية تغطى كل السكان بنهاية عام 2010.

ستضم الشبكة خدمة صحية عامة, ورعاية طبية تعاونية ريفية, وخدمات طبية لأحياء المدن, وأنظمة إدارة مستشفيات عامة.

ولكن.. ان نظام رعاية طبية وطنيا موحدا ما زال طريقه طويلا نظرا للمستوى المنخفض للمدننة, واتساع فجوة الثروة, والتباين الواسع في التنمية الريفية - هذا ما جاء على لسان وزير الصحة السابق قاو تشيانغ.

وقالت وزارة الصحة انه سيتم الكشف عن نسخة نهائية لسياسة إصلاح الرعاية الطبية بعد ان تقارن السلطات مشروعات الإصلاح وتستطلع آراء عامة الناس.

أخبر صديقك
  إطبع هذه الورقة